نوادر من تاونات - الحمارة و الحملة الانتخابية -
بقلم المودن أحمد من المشاع
يحكى أنه كان لرجل توناتي حمارة نحيفة لها أذنان " مسبوطتان "، لسانها يخرج من فمها سهوا، شعرها أشعث...تتحرك بصعوبة لكبر سنها و تعبها...و لم يكن يشفع لها سوى جحشها الصغير الذي لم يفطم بعد...قرر صاحب الحمارة التخلص منها و بيعها بعدماعزلها عن جحشها...
في الصباح الباكر قصد السوق و باعها لأول شخص "ساومه " ، و قد كان وسيطا محترفا و تاجرا في الدواب...مجمل القول باعها بأبخص ثمن وودع زرببة البهائم ليشتري مستلزماته من السوق...
وعندما امتلأ السوق قرر العودة إلى رحبة البهائم رغبة منه في شراء حمارة صغيرة السن و قوية البدن...
أثارت انتباهه حمارة رشيقة و أنيقة، أقسم بائعها أنها تحرث الأرض و تحمل اﻷثقال و تطوي الطريق طيا...و أنها صغيرة السن و حسنة الطالع...بل أنها ولدت بداره و كبرت على" يديه " ...
مسك التوناتي الحمارة محاولا الركوب عليها " فحنقزت " كالغزالة...
أعجب صاحبنا بها و أقسم أن يشتريها مهما كان الثمن...و فعلا كان له ما أراد و بثمن يضاعف ثمن حمارته الأولى ثلاث مرات...
عاد التوناتي إلى منزله فرحا مسرورا وما أن أقترب من باب داره حتى ركضت الحمارة نحو اﻹسطبل ...أسرع خلفها حتى لا تهرب منه و هي لازلت " في الروداج " لتحدث المفاجئة الثانية...فقد وجد الجحش يرضع في أمه باﻹسطبل، ليكتشف أنه خدع...
لقد باعوا له حمارته بعد أن أخرجوها لواد قرب السوق، ومشطوا و حلقوا شعرها اﻷشعث، وقلموا حوافرها وزودوها بأربع صفائح، ثم أشبعوها ضربا حتى أصبحت تقفز-ألما - بمجرد وضع اﻷصبع عليها!!!
هذه الحكاية تذكرتها و أنا ألقي نظرة على برامج اﻷحزاب المتنافسة بإقليم تاونات...
فقد وجدت ماحدث للحمارة هو ملخص لعملية تزيين للبرامج القديمة التي لم تأتي بجديد للمنطقة...
فماذا تغير بك يا غفساي؟
وأنت أيتها " القرية " التي خرجت مساندة و مهللة للمرشحين ؟
و أنت يا " تيسة " أولم ينخر عظامك العطش على غرار باقي مناطق تاونات ؟
نحن لا يهمنا كم سؤالا طرحتم و لا كم شعرا كتبتم و لا كم نوما نمتم...و لكن ما يهمنا هو كم طريقا أصلحت، و كم مدرسة، مستوصفا، مستشفى شيد...وكم مشكل ماء حلتم ...و كم وقفة إلى جانب المتظاهرين و قفتم...وكم شيئا ملموسا تحقق على أيديكم؟؟؟؟
أما إن كانت حجتكم هي أن دور البرلماني هو التشريع ومراقبة الحكومة...فكفانا من الشعارات التي تزينون بها حمارتكم...عفوا حملتكم...وكفانا من : " من أجل...و من أجل... و من أجل..."
كفانا من : " سنفعل و سن...و سن..."
الجحش الصغير استطاع تمييز الحمارة المزينة...و هو المسكين يرضعها اﻵن...فافهموا ما شئتم من نصنا...فوالله ما خرجت حروف الحكاية إلا حزنا و غيرة على منطقة مهملة احتضنتنا و نحن صغارا...وعشقناها و تألمنا لحالها و نحن كبارا.