Affichage des articles dont le libellé est أحدث المذكرات. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est أحدث المذكرات. Afficher tous les articles

mercredi 16 novembre 2016

مذكرات التجاني الحلقة 85 " ذكريات من الزمن الجميل "

مذكرات التجاني الحلقة 85

" ذكريات من الزمن الجميل "

بقلم المودن أحمد

كانت سعادة التجاني كبيرة حينما أمره أبوه بطلب البغل من العم الطيب...فقد عرف أنه سيكون يوم درس الزرع بالبيدر المطل على دار الحبيبة...
- سيكون يومُ حُبٍّ و حَبٍّ...
هكذا اعترف التجاني لنفسه وهو يقتلع نبتة " العطاسة " لتحنيك "النادر " بما اجتمع من روث البقر...
حمل لفافة العطاسة ومر على دار العم الطيب...جرَّ البغل بعدما شكر صاحبه ، ثم قفز فوقه و أمر بصوت عال:
- أرا زيد أرا...
وما أن دخل العم الطيب إلى بيته حتى نزل التجاني عن البغل و ربطه،  فقصد دالية  وملأ حِجْرَهُ عنبا، ثم عاد لقيادة البغل...
اشتدت حرارة شمس الظهيرة، فاجتمع اﻷب و اﻷبناء  وربطوا البهائم لتبدأ عملية الدرس...
يمسك خلوق بالحبل ويبدأ بالقول :
- باسم الله وتوكلنا على الله...أرَّا دور أرَّا...
تجد البهائم صعوبة في تخطى "غُمور" الزرع الذي يُلقي به التجاني و المجاهد و اﻷب من "أَفَشْقَارْ "باتجاه البيدر...ولكن باستعمال خلوق " للمْصيوطة " تتخطى البغال الحواجز لتتساوى جنبات "الدَّرْسَة " ...حينها فقط يمسك التجاني بالحبل وهو يردد بزهو:
- عايد عايد عايد
ولأنه يحق لمن يمسك بحبل القيادة أن يرفع صوته إلى درجة أن يسمعه كل سكان المدشر، فقد كان التجاني ينظر الى دار الحبيبة و يخاطب البهائم :
- على لطراف الحبيبة على لطراف...
وكأنه يرسل لها رسالة عبر الأثير...فيكون جوابها على الفور بالقاء اطلالة من شرفة منزلها...
يتناوب الحاضرون على المسك بحبل البغال في حين يدفع الآخرون التبن بالمذرة ومنهم من "يشطب " ما تناثر من زرع وتبن بشطابة من العطاسة اليابسة.
ينتهي الشوط الأول، فيتناول الأب و اﻷبناء ما جاد به مطبخ اﻷسرة من شاي و خبز و زيت...وبعدها يتم قلب "الدرسة "...ثم تكرر عملية الدرس...
اﻷب وحده من يملك حق إعلان نهاية العملية...إذ ما أن ينطق بجملته المحبوبة "صافي راها طابث " حتى يبدأ الشباب في جمعها على شكل تلة...
الشمس تقترب من مغربها و الرياح غربية...إنه الجو الناسب لتصفية الزرع...
يغيب اﻷب للحظات ليؤدي صلاة المغرب بالمسجد الذي تحيط به البيادر من كل جهة...فيغتنم الشباب الفرصة للدعابة و السخرية وذكر المستملحات و هم يُصَفُّونَ بالمذرات إلى أن يُعزل التبن الكثيف وتطل حبات القمح، وهم يغتنمون هبوب الرياح التي تنقطع من حين لآخر...
حين يمر شخص قرب البيدر يخاطب الشبان قائلا :
الله إيعاون ألولاذ ...الله يحضر البركة و يقوي العشور...
مباشرة بعد مجيء اﻷب " يتعقل" اﻷبناء ويطبقون قرارات اﻷب التي تأمر باستعمال اللوح عوض المذرة...
حمل عبد السلام "لامبة " للإضاءة...فالمفروض إنهاء العملية ليلا ما دامت الحبوب قد أصبحت ظاهرة...
يستمر اﻷبناء في عملهم دون كلل، و بين الفنة و الأخرى يتدخل اﻷب لينهر أحدهم لأنه دخل إلى البيدر بحذائه...
صمت رهيب يسود وقت ملإ اﻷكياس...
سأل التجاني أباه عن سر هذا الصمت و هما يحملان الحبوب إلى المنزل، فأجابه بثقة :
- باش كتحضر البركة...

 
                               

mercredi 19 octobre 2016

مذكرات التجاني الحلقة 84 " نوادر التجاني بدوار تسوفة "

مذكرات التجاني الحلقة 84

" نوادر التجاني بدوار تسوفة "

  بدوار تسوفة القابع بسفح جبل ودكة الجنوبي، يقطن راعي شاب يدعى "مولاي المفضل " يقول الناس أن نسبه شريف...هذا الراعي الكبير في السن وقع ضحية خدعة نسج خيوطها التجاني صحبة مجموعة من أفراد أسرته...مولاي المفضل أصبح يردد لا إراديا :" ولاد التجاني...ارفعوا " .

بدأت الحكاية حينما توصل ااتجاني و أسرته باستدعاء شفوي لحضور زفاف إبن عمته خديجة الملقب " تحياتي "...
قامت العائلة بهجوم جماعي على دوار تسوفة...ليلتئم الشمل و يدأ اﻹستعداد لليلة الحنة، و عندما اجتمع أهل الدوار و الضيوف تم " التركاب " على ضوء القمر و الشموع و " البوطة "، حيث نقلوا العريس على إيقاع الغيطة و الطبل من مسجد الدوار إلى دار العرس...
كان دخان عود القماري الذي دس في طماطم عديدة، يعطي لليل مساحات ضوئية كانت تحيط بالشموع التي وضعت بإتقان في أكواب مملوءة بالطحين، وقد تكلفت بحملها على الرؤوس فتيات في عمر الزهور...
وصل الركب إلى دار العرس، فتكلف التجاني بأخذ صور تذكارية للعريس و وزرائه، قبل أن يبدأ الجوق في إمتاع الحاضرين...
بعد ساعات طاف أخ العريس الملقب ب " الكسوف " على أفراد العائلة القادمين من بعيد ليوسوس لهم بأن عليهم اﻹلتحاق بغرفة منعزلة قصد تناول العَشاء...
طبعا التجاني وباقي أفراد عائلته سيأكلون لحماً، على عكس باقي المدعوين الذين سيأكلون الكسكس بالحليب فقط...
تم إغلاق باب الغرفة بإحكام، ثم اجتمع المحظوظون حول مائدتين...
بمائدة التجاني تبين أنه هناك عنصر دخيل، يبدو أنه التقط اﻹشارة فجاء ليشارك عائلة التجاني "زردتهم " .
لم يكن الغريب سوى "مولاي المفضل " !
شرع القوم في اﻷكل بكل أدب و انظباط، خاصة و أن العرف الجبلي يقضي بضرورة أكل المرق قبل اقتسام اللحم بالتساوي...
نظر التجاني إلى إبن عمه المفضل ثم إخوانه رشيد ، المجاهد و لحسن...فابتسم الجميع، ماعدا مولاي المفضل...
فجأة امتدت يد التجاني إلى المصباح التقليدي - لامبة - وأدار مفتاحه ليغيب الضوء ثلاثين ثانية تقريبا ثم يشتعل من جديد بعد الرفع من مستوى "الفثيلة"...
نظر مولاي المفضل إلى الصحن فلم يجد أثرا للَّحم...ترك الطاولة وخرج يردد:" ولاد التجاني...ارْفَعُوا ارفعوا ارفعوا"...
حكى القصة لكل من صادفه...بل وجعل منها يوم غد نادرة يحكيها لكل الضيوف، شارحا لهم أن اللحم اندثر في رمشة عين كما لو أن الجن رفعه...بل و احتفظ بها ذكرى لسنين طويلة يحكيها لكل من صادفه من سكان المشاع إلى أن توفي رحمه الله.


 
                               

mardi 18 octobre 2016

مذكرات التجاني الحلقة الثالثة و الثمانون -83 - حفل الحب و النجاح

مذكرات التجاني الحلقة الثالثة و الثمانون -83 -

حفل الحب و النجاح

بقلم المودن أحمد

مرت السنة الدراسية سريعا، وقد ختمها التجاني بالحصول على نتيجة متوسطة سمحت له بالنجاح...
نجاح اغتنمته " جميلة " لتقيم له حفلا رائعا على نفقتها، كما طلب منه صديقه عبد الكبير أن يستدعي كل أصدقائه بدار الشباب و كذا أخيه خلوق و زوجته و المجاهد ثم الحساين...
كانت جميلة سيدة الحفل بامتياز، لباس متميز و أنيق، حيوية و نشاط، و حركات تعبيرية أكدت من خلالها أنها تحب التجاني بجنون...
فرقة الجمعية تؤدي أروع المعزوفات و الأغاني، الكل يرقص ويغني...وحده التجاني كان يتسائل :" ما هو الثمن الذي سوف أدفعه مقابل سخاء هذه الفتاة؟"
مستحيل أن يكون هذا الذي يراه من حلويات و هدايا لوجه الله فقط!
تناسلت الأسئلة، وازداد مع تناسلها شعوره بالذنب...فالفتاة تبقى أخت صديقه الوفي، فليس من حقه أن يسقط في حبها حتى و إن كانت مغرمة به...
بعد أن أكل المدعوون و شربوا، بدأ تقديم الهدايا...كانت لحظة مؤثرة جدا...فرغم فقر الأصدقاء فقد فعلوا المستحيل لتقديم هدايا معبرة...أما الهدية الأروع و الأغلى فقد كانت من راعية الحفل " جميلة " التي أفرغت شحنة حبها في هداياها، إلى درجة جعلت خلوق و زوجته ينصحان التجاني بضرورة الزواج بجميلة، لأنها جمعت بين الجمال والرشاقة والأناقة ، بل و اكتشفوا أنها مغرمة به حتى النخاع...
حمل التجاني هداياه وودع بيت صديقه، و بداخله أحاسيس متشابكة، و أسئلة لا جواب لها :" أيحبها؟...هل تحبه أم أنها تبحث فقط عن زوج؟..."
بعد أيام حمل محفظة ملابسه وقصد محطة الحافلات ببوجلود ، ثم عاد إلى بلدته بالبادية بعدما توصل باستدعاء لحضور زفاف ابن عمته بدوار تسوفة...زفاف سيشهد نادرة من نوادر التجاني...
وإلى حلقة قادمة انشاء الله مع تحيات صديقكم المودن أحمد من المشاع بغفساي.
 
                               

vendredi 16 septembre 2016

عيداﻷضحى بالمدينة - لهذا انتحر الخروف -

عيداﻷضحى بالمدينة - لهذا انتحر الخروف -

بقلم المودن أحمد

صدقوني أنني أعيش بالمدينة منذ 1990...متزوج و مقيم و أعمل بها...و لكني عند كل عيد أضحى أسافر إلى البادية و أقضي العيد هناك ...
بل أنني لشدة تشبثي بهذه العادة ، فقد حصل أن ذبحت خلال السنة الماضية خروفا لزوجتي بالمدينة ثم و دعتها هي والخروف و قصدت بيت أمي حيث يوجد قوم يأكلون لحم العيد في حينه...
هذه السنة فرضت علي ظروف العمل أن أقضي العيد بالمدينة...و ياليتني لم أقضيه...
قبل العيد بأيام بدأت الأبقار و الأغنام تفرض و جودها بالصوت و الصورة...فيتباهى الناس بحجم الخروف ، و بكونهم سيضمون إليه بقرة ...و آخرون يحملون خرافهم الصغيرة على أكتافهم و يلجون الحي ليلا خوفا من شماتة الجيران...
أحد الجيران اشترى بقرة و لم يجد لها مرقدا فربطها بنافذة الطابق السفلي ثم افترش بقربها ووضع وسادة و نام...و في كل مرة كانت تخطأ رأسه بسنتيمترات و هي تفرغ روثها و....
يوم العيد كان مأساة حقيقية...و جدت بنتي وهي تبكي بركن البيت...سألتها عن سر حزنها فقالت لي مستعطفة :
- أبي لا تذبح خروفنا إنه لطيف جدا...
شرحت لها ما استطعت، ﻷقتنع في اﻷخير أنني ولدت شاعرة...
قمت بجولة في حينا فرأيت أشياء غير إنسانية...خراف تذبح أمام أعين بقرة ...رجال يستعرضون سيوفهم أمام اﻷضاحي...دم يجري أمام أعين و أرجل خرفان لم تذبح بعد...ثم دخان رؤوس تحرق، و أزبال مشتتة تجمع ما يفرح له الناموس قبل البعوض...
وقد كان الحدث اﻷكثر مأساوية هو قفز خروف من سطح منزل ذي خمسة طوابق ليسقط على أسلاك كهربائية فيحترق بالكامل...
عدت لبيتي وذبحنا خروفنا...حاولت أن أطرد حزني فتصنعت اﻹبتسامة أمام أبنائي...و بعد السلخ و أكل الكبد...قامت زوجتي بقطع الخروف و تحويله إلى مجموعات لحمية ...ثم أخرجت كيسا كبيرا به عشرات اﻷكياس الصغيرة...ملأتها عن آخرها ووضعتها بالمجمد و قدمت لي تقريرا مفصلا عن عدد اﻷكياس وعدد الشهور التي حكم بها على اللحم ليقضيها في سجنه البارد...
سألتها عن سر هذا التقسيم...فقالت لي أنها لا تقبل أن تشم رائحة الشواء عند الجيران خلال شهر يناير أو فبراير...في حين لا تجد هي ما تشويه...
والغريب في اﻷمر أن جميع زوجات إخواني و كذا جاراتنا و جاراتهن، فعلن نفس الشيء و كأنهن يساندن زوجتي في طرحها...
و هكذا اقتنعت أنا كذلك - رغما عني - بطرحها و أنا ألعن صانع المجمد و مبتكر الكهرباء...ووجدت ضالتي في تذكر أيام العيد بالبادية حينما أكلنا خروفا في يومي العيد اﻷولين ثم ذبح أبي رحمه الله خروفا ثانيا في اليوم الثالث...
يؤسفني أن أطل كل يوم على لحم خروفي و هو يعاني من البرد القارس في حين أكتفي أنا بأكل السلاطة مع قطعة لحم واحدة فيما يشبه " الريجيم "... و أنتظر بلهفة حلول الضيوف لدارنا ليفرج عن لحم خروف العيد و لو بكفالة...
المهم هذا هو العيد و إلا فلا!!!

 
                               

dimanche 14 août 2016

مذكرات التجاني الحلقة 82 " التجاني و صدام حسين "

مذكرات التجاني الحلقة 82 

          " التجاني و صدام حسين "

بقلم المودن أحمد من المشاع بغفساي. 

كانت الجامعة تعيش على صفيح ساخن...صراع بين الإخوان و القاعديين...و عسكر مرابطين حولها ،و مظاهرات يومية...أما المناسبة فهي اقتحام الولايات المتحدة الأمريكية و حلفائها للأراضي العراقية بعدما كانوا يقولون أنهم سيحررون الكويت فقط من الغزو العراقي...
كان المغاربة يساندون صدام إلى أبعد فانتشرت أغنية " ازطم ازطم يا صدام احنا معاك للأمام ..." بسرعة كبيرة، كما سادت كلمات جديدة كالسكود و الباطريوط و
 و لم تكن الساحة الجامعية لتخلو من مظاهرات و حلقات يومية...
كتب التجاني قصيدة بالمناسبة مدح فيها صدام و هجا الرؤساء العرب الذين فتحوا حدودهم للجيوش الأمريكية و حلفائها...
نظم الطلبة بكلية الآداب مظاهرة ضخمة انتهت بمهرجان خطابي أشبه بحلقة...بعد تردد كبير أخرج التجاني القصيدة المكتوبة من جيبه و قصد أحد الطلاب المنظمين للحلقة...قرأها " الرفيق " ثم شطب على كلمات لها معنى ديني !!!
تقدم التجاني إلى وسط الحلقة و بدأ يقرأ قصيدته و ما أن وصل إلى البيت الذي يقول : " وسوريا أسدها ثعلب...." حتى انفجر الطلبة ضحكا ، مما رفع من معنويات التجاني ...
في المنازل و المقاهي كان الناس يتابعون بلهفة اخر أخبار الحرب رغم قلة القنوات الاخبارية...و كم كانت فرحتهم وهم يسمعون أن صدام قد أطلق صواريخ سكود نحو اسرائيل...بل و تفنن المغاربة في اخراج نكث يتذكر منها التجاني أنه يوم أطلق أول سكود ولدت كل الإسرائيليات الحاملات قبل الأوان.  
كانت معنويات الشارع العربي في قمتها إلى أن بدأ الخونة العرب يوفرون الأرض و المساندة لأمريكا و حلفائها ليخرج العراق من الكويت...ثم بدأ الحلفاء يغزون العراق بعد تدميره...ليتم إلقاء القبض على صدام حسين، و إعدامه في أسوإ عيد أضحى عاشه التجاني و جيله. 
حزنت السماء فتلبدت بالغيوم...و حين سقط المطر تخيله الناس دما...فكان طعم لحم الأضاحي نتنا و كأنه ممزوج بلحم الأبرياء الذين ذهبوا ضحية حرب كانت مدروسة و مخطط لها...
بعد أيام خرج التجاني  حزينا، فقصد حديقة جنان السبيل...جلس بالقرب من مجموعة من الشباب و هم يمزحون...فسمع أحدهم يحكي نكثة جعلته يبتسم ...فقد حكى الشاب أن امرأة دخلت إلى حمام الرجال...فمنعها أحدهم و هو يقول " هذا حمام رجال يا سيدتي " ، فردت عليه بثقة " لا عليك فقد كان هناك رجل واحد إسمه صدام حسين  و قد تم شنقه ..."
و إلى حلقة قادمة مع تحيات المودن أحمد من ودكة بغفساي.


                  
                                                                          

dimanche 24 juillet 2016

مذكرات التجاني، حلقة مستدركة : " سرقوا لي نعلي يا أستاذ "

مذكرات التجاني، حلقة مستدركة : "  سرقوا لي نعلي يا أستاذ "

بقلم المودن أحمد من المشاع بغفساي


فوجئ التلاميذ بصراخ أستاذ الفلسفة وهو يطالبهم بالعودة جميعا للقسم بعد انصرافهم آخر الحصة...استغربوا جميعا من تصرف الأستاذ الذي بدت عليه أمارات الغضب، خاصة و أنه اشتهر بصرامته ، بل حتى ملامحه تجعلك تحكم عليه بأنه فيلسوف ألقي به في غفساي...شعر أسود رث و منسدل، ولحية كلحية سقراط...
ولج التلاميذ من جديد القسم، فوجدوا التجاني يحاول إخفاء رجليه الحافيتين بين أرجل الطاولات...ودون تردد بدأ الأستاذ في إلقاء محاضرته في الأخلاق و التربية، متهما أصحاب هذا التصرف الطائش "بقلة العقل"...
كان للتجاني نعل مصنوع من البلاستيك أو ما يسمى بالصندالة...و لأنه كان يحب مداعبة نعله عن طريق إزالته من رجليه فقد تاه النعل بعيدا عنه كما تاه هو مع ديكارت و نظريته التي تدعو للشك في كل شيء...
التجاني أيضا شك أن حديث تلميذ و تلميذة، يجلسان خلفه، فيه رائحة عشق ، فقد كانت تصل أسماعه كلمات حلوة لا عهد له بها...
التلميذ من أبناء غفساي، و التلميذة بنت أحد أعيانها المعروفين...جميلة و رقيقة، إسمها وحده يكفي لتتيه في أمنياتك و آمالك و أحلامك...
قرر التجاني أن يكتشف حركاتهما بعدما أحس أن تهمة العشق ثابتة عليهما، لكن الشاب كان يستعمل إبرة بركاره فيىخزها في ظهر التجاني قائلا: " شوف ليماك قدامك".
نسي التجاني أمر النعل،  و أعطى الفرصة لأذنيه ليلتقطا ما جادت به قريحة الشاب من معسول الكلام، بل و لم يعد يعرف حتى موضوع الدرس...فخلفه فيلم غرامي مثير ...
انتهى الدرس فبدأ التلاميذ يخرجون تباعا...بحث التجاني عن نعله فلم يجده!!!
أثار انتباه الأستاذ منظر التجاني و هو يبحث تحت الطاولات، ثم سأله:
_ ما بك يا هذا ؟!
_لقد سرقوا نعلي يا أستاذ..."
وبخ أستاذ الفلسفة التلاميذ، ليتسلل أحدهم بعد ذلك خارج القسم...وبعد بحث و سط العشب و الأشواك التي كانت تحيط بأقسام ثانوية الإمام الشطيبي، عثر على النعل و حمله للتجاني الذي أقسم ألا يزيل نعله بقسم ما دام يدرس بغفساي.
و إلى حلقة قادمة بحول الله مع تحيات صديقكم المودن أحمد من المشاع بغفساي.

                                 
                                      

dimanche 3 juillet 2016

مذكرات التجاني الحلقة الواحدة والثمانون _81 _ "بين الجامعة و الدجاج "

مذكرات التجاني الحلقة الواحدة والثمانون  _81 _

"بين الجامعة و الدجاج "

بقلم المودن أحمد

عاد التجاني صحبة أصدقائه من جبل زلاغ، ليتفرغ للدراسة و التحصيل...
بعد أيام زار دار الشباب ليمارس هوايته المفضلة...و هنا سيصادف خبرين مفاجئين...فقد أخبره صديقه عبد الكبير بأنهم ينوون تنشيط حفل زفاف لشاب فقير يسكن بحي باب السيفر.
أما الخبر الثاني فهو مفاجئة حقيقية لم يحلم بها التجاني قط في حياته....
حل اليوم الموعود...حمل كل فرد من المجموعة آلته و اتجهوا إلى دار  عبد القادر...شاب أسمر  في الثلاثين من عمره، يبدو خجولا جدا،  إذ تراجع إلى الخلف سانحا الفرصة لأمه و أخواته للترحيب بالفرقة الموسيقية الشابة.
التجاني يحمل " تعريجته " على كتفه ، ابراهيم بيده  " دربوگة " ، عبد الكبير  يمرر يده على ظهر البنطير في حركات تسخينية...و"  الكرز " يسخن بنديرا ثانيا...و الشفاح " يجمع أنفاسه لينفثها في نفار طويل...
وحده التجاني كان مترددا...رغم رائحة الدجاج التي ملأت المكان...
اجتمع المدعوون...و بدأ " الجوق " في تقليد عساوة ...النساء يرقصن على كل الإيقاعات...لديهن عطش كبير للنشاط و المرح ...كادت امرأة بدينة أن تكسر رجل التجاني بعدما عفست عليه  و هي ترقص!
أدى ابراهيم كل الأغاني التي يحفظها...في حين يكتفي الآخرون بالرد عليه، ثم يختمون كل أغنية ب " ياو هادي ساعة مباركة فاش تلاقينا..."
ازدادت السهرة تشويقا بدخول رجال و شيوخ سحبوا من الشباب بناديرهم ليطربوا الحضور بالهيت...
كانت فرصة للتجاني و زملائه ليرتاحوا قليلا...و يتناولوا الشاي و الحلويات ...
حوالي الواحدة صباحا ساد صمت رهيب...ثم كثر القيل و القال...كان أهل العروسة أكثر اضطرابا ...يصعدون  و ينزلون بالسلالم، فتوسوس الواحدة منهن في أذن الأخرى ...ثم تلا ذلك هرج و خصام في الطابق الرابع...
كان الحفل مقاما بسطح المنزل، بحيث تمت تغطيته بالكامل بالبلاستيك مع إحكامه بوضع قنينات ماء على الأطراف ، كي لا يطير الغطاء...
اشتدت حدة الصراخ لتنقلب إلى قذف و سب سرعان ما تطور إلى تشابك بالأيدي و تبادل الضرب بالصحون و الأكواب ...فجأة مرت قنينة ماء من فئة خمس لترات غير بعيد من رأس التجاني و كأنه صاروخ أرض- جو... 
هرب الحاضرون و أفراد الجوق...في حين اختبأ التجاني ببيت ضيق به طنجرة كبيرة يطل من تحت غطائها دجاج محمر كثير...
تمنى لو كان بإمكانه أن يحمل معه واحدة منه و ينصرف سالما...لكن هيهات فالحرب تزداد ضراوة ومن لم يضرب بإبريق يضرب ب "طاوة"...
تسلل التجاني و هو يمسك بتعريجته فوق كتفه، لعلهم يعرفونه فلا ينال عقابا، فسلك بسلام ، وما أن ولجت رجلاه فضاء الدرب حتى ركض قاصدا منزل أخيه " خلوق" الذي لم يكن يبعد سوى بأمتار عن دار العرس...
يوم غد حاول التجاني معرفة سبب تلك الحرب التي ضيعت عليه عشاءه و نصيبه من مقابل احيائه للحفل...فقيل له بأن أهل العروس جاؤوا بدم كذب...
وإلى حلقة قادمة و التي ستحمل تفاصيل مثيرة للمفاجئة الثانية ...
مع تحيات المودن أحمد .

                                       

mardi 14 juin 2016

مذكرات التجاني الحلقة 80 " بين جبل زلاغ و جبل ودكة

مذكرات التجاني الحلقة الثمانون 80 

" بين جبل زلاغ و جبل ودكة " 

 بقلم المودن أحمد

استأنس التجاني بجو المدينة فلم يعد يجد صعوبة في زيارة الأحياء البعيدة عن مسكنه، بل و أصبح عضوا نشيطا بدار الشباب ضمن جمعيته التي قررت تنظيم رحلة لمنخرطيها الى جبل زلاغ مشيا على  الأقدام.
اجتمع حوالي الثلاثين شابا و طفلا، و انطلقوا في رحلتهم الإستكشافية لجبل كان التجاني يمر بقربه و هو بحافلة الغزاوي عند سفره...
أناشيد و ضرب على " البنادر " و " التعارج" ، و حماس لا مثيل له، رغم أن المسار كان طويلا و شاقا بين باب الگيسة و جبل زلاغ...
ما أن و صل الزوار إلى أسفل الجبل حتى تكررت أحداث جبل تازغدرة، إذ بدأ الرعاة يدحرجون الأحجار من أعلى الجبل في اتجاه المستكشفين الشباب...و لكن أبناء أحياء كريان الحجوي و البورنيات، الشارة، و بن دباب كانوا أذكى، إذ تفرقوا و أحاطوا بالجبل ثم حاصروا الرعاة و بدأوا في تسلق الجبل، وعند و صولهم إلى القمة لم يجدوا سوى الغنم، كما لو أن الجبل قد ابتلع الرعاة!
كان المنظر رائعا و ساحرا...فعلى مرآى العين تبدو فاس أكبر مما تصورها التجاني...بل و تراءت له مدينة صفرو والقرية و ...و جبل و دكة أيضا، أو ربما هكذا خيل له...
جلس على صخرة كبيرة، فعادت به الذكريات إلى يوم صعد صحبة جدته إلى قمة جبل ودكة...يومها جلس على صخرة تطل على أفرط د النجوم...تلك الضاية التي نسجت حولها حكايات و خرافات كانت جدته تتفنن في حكيها...هو لم ينسى ذاك " العياع " الذي رددته جدته يومئذ...
لم يخرج التجاني من شروده سوى دخان نار أشعلها زملاءه لتسخين الأكل ...اتجه  نحوهم و أمسك بتعريجة، مررها فوق النار و هو يمسح على جلدها و يضرب ضربات تجريبية ، ثم افتتح بعياع جبلي مقلدا  جدته، لتنطلق بعدها الفرجة في مزيج بين الفن الجبلي ، الشركي، الحياني، و الجامعي...ليرد التجاني على " الهيت " بالگناوية ، ثم سرعان ما انقلب جو الفرجة الى جو من الضحك و السخرية، لا لشيء ، سوى لأن الشاب الجبلي انتبه للنار و هي تكاد تخمد، فخاطب  طفلا قائلا: " دني أولدي ديك أصفطان باش دزند النار " 
لكن الطفل لم يفهم شيئا و كأن التجاني قد خاطبه بالصينية...فابتسم الأخير ردا على سخرية زملائه، و قام بنفسه بدفع العيدان إلى الأمام لتشتعل النار من جديد...
وهنا اكتشف التجاني أنه لم يتأقلم بعد مع واقعه الجديد...
وإلى حلقة قادمة إن شاء الله مع تحيات صديقكم المودن أحمد
في الحلقة القادمة ...التجاني بتعريجته ضمن مجموعة موسيقية متخصصة في تنشيط أعراس أبناء الفقراء...و أول حضور له يصادف صراع أهل العروسة مع أهل العريس...

الفرجة والضحك مضمونين...إن شاء الله.
 
                               

jeudi 19 mai 2016

مذكرات التجاني الحلقة 79 "حينما سقط التجاني بالحمام "

مذكرات التجاني الحلقة 79 "حينما سقط التجاني بالحمام"

بقلم المودن أحمد

لم يندم التجاني على اعترافه بالحقيقة لعبد الكبير ، فهوعلى الأقل أراح ضميره، بالرغم من أنه أصبح مشغول البال بجميلة...يتساءل مع نفسه باستمرار...أهي معجبة به أم تريده فقط زوجا ؟!
ثم لماذا هو مشغول البال بها؟! أيعشقها،أم ماذا!؟
المهم في اﻷمر أنه عاد الى أحضان أسرة صديقه...و بين الفنة و اﻷخرى يزور أخاه خلوق ، ثم يتدرب على أداء السكيتشات ليؤديها صحبة صديقه لصالح رياض الأطفال بمقابل زهيد...باستثناء روض اﻷستاذة جميلة فهو مدر للربح!!!
ذات يوم قرر التجاني أن يذهب إلى الحمام العمومي لأول مرة...فوجئ و هو يلجه ببخار يمنعه من رؤية ما بحوله...أزال نظاراته و قصد مكان استبدال الملابس...و هنا تذكر شيئا مهما...إنه يلبس سروالين و لكن من دون تبان!!!
فكر و فكر ثم قرر...سيزيل السروال الأول و يحتفظ بالثاني، على أساس أن يطويه جيدا إلى ما فوق الركبتين ...وهكذا يكون قد حصل على سروال قصير...
تغلغل في الحمام من الحجرة الباردة الى الساخنة...وهنا سيجد صعوبة في التنقل لأن بصره ضعيف...ولكن رغم ذلك تمكن من أيجاد مكان قرب عجوز كان في حاجة ماسة إليه، إذ طلب من التجاني على الفور حك ظهره...و بين الفنة و اﻷخرى كان العجوز"يبسبس" ويصدر صوتا بشفتيه، لم يعرف التجاني معناه إلا بعد أن سأل صديقه عبد الكبيرفيما بعد...
قرر التجاني أن يملأ سطليه بالماء الساخن...فقصد الصهريج...وعند عودته إلى مكانه، و أمام ضعف بصره ، و ضع رجله على صابونة ففقد توازنه، ليتزحلق باتجاه العجوز...فاستقر به المقام بين أحضانه بعدما ارتطمت مؤخرته مع الأرض و طار السطلان ذات اليمين و ذات اليسار...
أحس التجاني بألم فضيع...جعله يقسم بأغلض اﻷيمان ألا يلج حماما عموميا بعد يومه ذاك...
وضع سرواله المبلل أسفل " الصاك " و عاد الى الحي الجامعي

يجر رجليه و كأنه أرنب أعرج...
لم يبرح مكانه لأيام...و لما أحس بنوع من التحسن، ذهب لزيارة صديقه عبد الكبير ليجد اﻷطفال قد اشتاقوا له...و جميلة قد قررت التكلف بمصاريف حفل سيقام على شرفه إن هو نجح في سنته الجامعية اﻷولى...
ولكن قبل ذلك كان عليه أن يساعد اﻷطفال في دروسهم كي يضمن عشاء حلالا...عشاء سيجعل من التجاني مسخرة أمام الجميع، إذ نطق وسطهم بكلمة أثارت ضحكهم و تساؤلاتهم...لقد أحس بالجوع فقال ممازحا: " إيوا عطيونا ديك الشي اللي فديك الديابة نكلوه باش نمشي بحالي " ...
فقالوا له : "وما الديابة يا تجاني ؟"
أحس بتهكمهم عليه فأجابهم : "إنها قدر مصنوع من التراب نطهي فيه الطعام بالبادية...يوضع فوق ثلاثة "مناصب " تسودّ مع مرور اﻷيام بأكفوس..."
وإلى حلقة قادمة إن شاء الله.
                                                                               

dimanche 8 mai 2016

مذكرات التجاني الحلقة 78 "وفاء و محنة و عشق مستور "

مذكرات التجاني الحلقة الثامنة و السبعون _ 78 _

وفاء و محنة و عشق مستور

بقلم المودن أحمد من ودكة، غفساي إقليم تاونات.

مقتطف من الحلقة 77
وحدث ما لم يكن بالحسبان فقد اعترفت له " جميلة " علانية بأنها تحبه، و أنها علمت بعلاقته بلبنى التي تعرف عليها بدار الشباب...و أنها تغار عليه ...
لم يعط التجاني أهمية كبرى لكلامها، و لكن معاكستها له أصبح فيها نوع من التحدي، إذ اتخذ شكل تهديد تأكد من جديته لما صادفته ذات يوم صحبة لبنى في الشارع...فلم تتمالك نفسها، إذا نادت عليه ولما جاء عندها خاطبته غاضبة :
_ " اسمع ، آخر مرة أراك مع تلك الفتاة و الا سأصفعك أنت و هي..."
انصرفت تاركة التجاني مذهولا مصدوما...لا يعرف اي طريق سيتخذ...ودع حبيبته لبنى التي وجهت له أسئلة كثيرة عن الفتاة الجميلة الغاضبة...فرفض الجواب بدعوى شعوره بدوران و حمى...
عاد التجاني إلى الحي الجامعي، وشغله الشاغل هو إيجاد حل لهذه الورطة .

............................................................
الحلقة 78:
رجع التجاني إلى ملحقة الحي الجامعي بعين قادوس و هو يحمل هما جعل النوم يفارق عيناه الليل كله، فقد و جد نفسه أمام ثلاثة اختيارات صعبة...فإما أن يستجيب لرغبة أخت صديقه " جميلة "  خاصة و أنها جمعت بين جمال الجسد و نبل الأخلاق...على أساس أن يكون كل شيء رسميا و علانية، و هذا يعني أنه عليه أن يفاتح أهلها في موضوع زواجه منها...و لكن كيف يحصل هذا و هو مجرد طالب لا يملك شيئا؟!
و إما أن يتحداها و يرفض عرضها و يكون وفيا لصديقه ، و ليكن ما يكون...
و إما أن يبتعد عن ذاك المنزل بصفة نهائية...
فكر التجاني طويلا قبل أن يهتدي إلى حل صعب، ولكنه قرر تطبيقه يوم غد و ليكن ما يكون...
كان الليل طويلا...كوابيس و أحلام مزعجة تلقى فيها صفعات من " جميلة "  مما جعل النوم يهجره حتى أطل الصباح...
اتجه التجاني إلى الجامعة ليصادف صراعا بين الطلبة " القاعديين " و الطلبة "الإخوانيين " استعملت فيه السلاسل الحديدية و العصي و الحجارة...
رجع التجاني إلى ملحقة الحي الجامعي و منها إلى دار الشباب ليصادف صديقه عبد الكبير هناك...انتهت حصة الأنشطة فطلب الأخير من التجاني الذهاب معه إلى منزله كما جرت العادة...لكنه اعتذر ...
لم يتقبل عبد الكبير عذر صديقه...فلم يجد التجاني بدا من الإعتراف بما حصل مع " جميلة " يوم أمس قائلا :
_ " اسمع يا صديقي أختك هددتني بأنها ستصفعني إذا و جدتني مع صديقتي لبنى...لذا فضلت أن أعترف لك بالحقيقة حتى لا تتهمني بالخيانة إن هي ٱرتكبت حماقة ذات يوم..."
ابتسم عبد الكبير و هو يرد :
_" لا تقلق يا صديقي سأجد حلا لهذا المشكل "
تغير لون عبد الكبير، و لم يستطع إخفاء غضبه بابتسامته الملغومة...ليودع التجاني و ينصرف بسرعة...
عاد التجاني لغرفته و هو حائر ، أصواب ما فعله أم خطأ...
اهتم الطالب الجبلي بدراسته و غاب عن دار الشباب أسبوعا كاملا...لم يلتق فيها بصديقه...و لم يعرف ما أقدم عليه عبد الكبير كرد فعل اتجاه أخته...
اشتدت رغبة التجاني في معرفة ما حدث لذا اختار أن يمر من طريق تمر منها المعلمة جميلة يوميا عند خروجها من قاعة الدرس ...ليصادفها و على و جهها آثار ضرب، مع انتفاخ عينها اليمنى...فأتخذ الرصيف المقابل و أكمل طريقه، إلا أنها استوقفته ثم قالت:
_ " لقد أهنت بسببك، و تعرضت لضرب مبرح، و لكني أسامحك...المهم عد إلى المنزل كما كنت، فإخواني الصغار في حاجة لمساعدتك في دراستهم..."
تألم التجاني وهو يسمع هذا الكلام، و هو الذي لم يعرها اهتماما اعتقادا منه أنه ليس من طينتها...وأن ذلك يعتبر خيانة...
و بعد أيام أقنع عبد الكبير رفيقه بالعودة الى المنزل ، فوجد أشياء كثيرة قد تغيرت...فنظرة أم جميلة أصبحت قاسية و كذلك نظرة أخواتها...و کأن التجاني هو من أمر عبد الكبير بضرب جميلة!
عبد الكبير و الأطفال الصغار تمسكوا بالتجاني، بل و أصبحوا يطالبونه بترديد مفرداته الجبلية " القرقية، الرضومة، الطقة..." و يضحكون عند سماعها...
عادت المياه لمجاريها...و لكن بقي شيء واحد يشغل بال التجاني...فقد أصبح يحلل و يناقش كل ما يصدر من جميلة سواء كان كلمة أو تصرفا أو ابتسامة ...

و الى حلقة قادمة مع تحيات صديقكم أحمد المودن.

                           

samedi 7 mai 2016

مذكرات التجاني الحلقة السابعة و السبعون _ 77 _ " العشق الممنوع"

مذكرات التجاني الحلقة السابعة و السبعون _ 77 _

" العشق الممنوع"  

بقلم المودن أحمد من ودكة بغفساي إقليم تاونات  

تم القضاء على الحشرة التي أزعجت التجاني باستعمال مبيد الحشرات...و لكنه أحس أنه من الأفضل أن يلتحق بالحي الجامعي لأن غرفة واحدة لا تصلح سوى لأخيه و زوجته...

في الطريق الى عين قادوس أثارت انتباهه لافتة تعلن عن نشاط ثقافي بدار الشباب...تشجع التجاني و دخل ليكتشف عالما متميزا أغراه بأنشطته لينخرط في إحدى الجمعيات...
و هكذا و جد فرصته ليمارس هوايته المفضلة التي كانت من قبل رهينة بالأنشطة الموازية أثناء عيد العرش بغفساي.
كون التجاني ثنائيا فكاهيا مع صديقه الجديد " عبد الكبير " ...و بسرعة ستتطور هذه الصداقة لتعطي ثمارا لم ينتظرها المسرحي المبتدأ، فقد دعاه صديقه الى منزله ليعرفه على عائلته...
تعددت الزيارات، فدخل التجاني في عملية مقايضة طريفة...يأكل و يشرب و ينام و سط عائلة اعتبرته فردا منها على أن يتكلف بمساعدة أبنائها في دراستهم...
كان لهذه التجربة تأثيرا واضحا على التجاني، فقد اندمج مع المحيط الجديد و أصبح يؤلف السكيتشات و يمثل في مسرحيات بل وأصبح مع الأيام مستشارا ضمن مكتب الجمعية التي كان منخرطا بها...و الأكبر من هذا أنه تعرف على فتاة، إسمها " لبنى "، لم تبخل عليه بلقاءات و رسائل غرامية رغم أنه كان يعرف أنها تحب شخصا آخر قبل أن ترسو سفينتها بمينائه...
حاول التجاني أن يوفق بين دراسته وهوايته و مقايضته و غرامه...فعاش أياما طويلة في سعادة  و هناء...
بعد أشهر سيلاحظ الشاب الجبلي أنه هناك فتاة تهتم به كثيرا...و تعبر علانية عن اعجابها به...لم يعطي للأمر أهمية لأنها ببساطة أخت صديقه، لذا فهو يعتبرها بمثابة أخت له ...
أغدقت عليه الهدايا، و الثناء...ولكنه لم يؤول تصرفاتها تأويلا خاطئا، فرغم أنها جميلة جدا، فاتنة، معلمة  و مربية أجيال...تنتمي لأسرة ثرية مقارنة بالمستوى المعيشي الذي يحياه التجاني...رغم كل هذه المميزات فهي تبقى بالنسبة إليه مجرد أخت صديقه...
وحدث ما لم يكن بالحسبان فقد اعترفت له " جميلة " علانية  بأنها تحبه، و أنها علمت بعلاقته بلبنى التي تعرف عليها بدار الشباب...و أنها تغار عليه ...
لم يعطي التجاني أهمية كبرى لكلامها، و لكن معاكستها له أصبح فيها نوع من التحدي، إذ اتخذ شكل تهديد تأكد من جديته لما صادفته ذات يوم صحبة لبنى في الشارع...فلم تتمالك نفسها، إذا نادت عليه ولما جاء عندها خاطبته غاضبة : 
_ " اسمع ، آخر مرة أراك مع تلك الفتاة و الا سأصفعك أنت و هي..."
انصرفت تاركة التجاني مذهولا مصدوما...لا يعرف اي طريق سيتخذ...ودع حبيبته لبنى التي وجهت له أسئلة كثيرة عن الفتاة الجميلة الغاضبة...فرفض الجواب بدعوى شعوره بدوران و حمى...
عاد التجاني إلى الحي الجامعي، وشغله الشاغل هو إيجاد حل لهذه الورطة .
و إلى حلقة قادمة مع تحيات المودن أحمد.
_الصورة نقلا عن الصديق منير التكماطي.


                                                       

samedi 23 avril 2016

الحلقة 76 : حينما رفض البرغوث الهجرة إلى مدينة فاس

مذكرات التجاني  الحلقة : 76

حينما رفض البرغوث الهجرة إلى مدينة فاس

                      بقلم المودن أحمد 

أحس التجاني بأن شيئا ما تغير فيه...فهو يعتقد أن كل فتيات المدشر ينظرن إليه، بل أصبح أكثر اهتماما بهندامه و تسريحة شعره التي تفرض على شعيراته الرجوع الى الوراء حتى و لو اقتضى الأمر حمل المشط بجيبه...لكن رغم إحساسه بالإفتخار كونه أصبح طالبا جامعيا، إلا أن ذلك لم يمنعه من وضع البردعة و الشواري فوق حمارته ثم الإنطلاق إلى الحقل لجمع الحشائش و العشب أو ما يسميه أهل الدوار ب" الربيع " ...ليستمتع بروعة الطبيعة، و خرير المياه، وزقزقة الطيور...وما ما أن يجمع كومة من العشب حتى يضعها على حمارته ثم يركب و مذياعه الصغير بيده...
هدوء تام و سكينة تجعل من العطلة فرصة للإبتعاد عن ضجيج المدينة...ابتعاد لم يدم سوى أياما قليلة، إذ قرر أخوه " خلوق " الهجرة إلى المدينة بشكل مفاجئ مخبرا أباه أنه اكترى بيتا مساحته خمسة و عشرون مترا مربعا، وأنه سيرحل بعد يومين...
قطع التجاني إذن عطلته الدراسية ليعود إلى فاس...فقد شهد صباح الأحد تجمع الأحباب و الجيران في لحظة و داع كانت أشبه بجنازة...بكاء و دعاء، و شبان يحملون سريرين و برمة و طنجرة سوداء و إبريقين أحدهما من دون يد...الزوجة جمعت ملابسها في "باليزتها " التي جاءت بها معها يوم زفافها، و الزوج جمع جلابيبه و ثيابه في " خنشة " صنعت أصلا لتوضع بها قوالب السكر...
وضع " الرحيل " بالشاحنة و غطي بمجموعة من البطانيات الصوفية التي مال لونها إلى الأصفر من كثرة الإستعمال ...ليرسو التجاني فوقها، في حين ركب أخوه و زوجة أخيه قرب السائق...
تحركت الشاحنة لتبدأ عملية ضبط التجاني لتوازنه فوق منقولات غير مرتبة و شاحنة مهترئة و طريق إما أنها تلد الحفر، أو أن الحفر تتناسل مع بعضها ليلا لتلد نهارا...
رغم كل  هذا استسلم التجاني لنوم عميق ، لم يستيقظ منه إلا بعد أن تسللت أشعة الشمس الحارة لجسده النحيف...نظر حوله ليجد نفسه بقنطرة الورتزاغ...قنطرة من حديد اعتلاه الصدأ تشهد أن الإستعمار بنى مشاريعا عجز عن بنائها المتعاقبون على تسيير المغرب بعد استقلاله...
ارتفعت الحرارة أكثر و ارتفعت معها سرعة الشاحنة، ليبدأ البرغوث في القفز  فوق البطانيات ومنها الى الأرض و كأنه يرفض الهجرة من موطنه الأصلي...استمرت عملية القفز  الجماعي للبرغوث الى حدود "سوق أحد بوشابل " حيث توقفت الشاحنة ليرتاح السائق قليلا...و هنا توجه التجاني عند أخيه ليقول له ممازحا : 
_" لقد صدرنا ما يكفي من البرغوث للحياينة و شراگة " 
ضحك الثلاثة بالدموع، ثم استانفت الرحلة ، ليصلوا إلى فاس قبل آذان العصر بقليل.
وجد التجاني نفسه بحي شعبي هامشي في طور البناء، لأن أغلب ساكنيه تم ترحيلهم من حفر و غيران تحت الأرض كانت تتواجد قرب فندق المرينيين و بن زاكور و باب الگيسة...خليط من شراگة و الحياينة و جبالة وولاد جامع يشكلون فسيفساء بشري يصعب التأقلم بين مكوناته...
يوم غد ذهب " خلوق " إلى " الجوطية " فاشترى خزانة و طاولة و سريرين خشبيين مستعملين...وضع فوقهما " بونجتان " ليؤثث بالتالي بيته الذي يشترك في مرحاضه مع جار آخر...
نام الزوج و الزوجة بأمان على ناموسيتهما المركبة من سريرين منفصلين...و على بعد مترين منهما و بنفس "البيت" نام التجاني على " بونجة " وجد راحته فوقها...
أطفأ المصباح و غط الكل في نوم عميق ، ما عدا التجاني...فقد أحس بشيء يعضه!!!
تساءل مع نفسه :" كيف يحدث هذا و قد رأيت البرغوث يقفز الى أن انقطع أثره ؟!!!"
نفذ صبره فنادى على أخيه مستنجدا :
_" أخاي...خاي...وحد الهام أيعضني "
_" انعس أصاحبي هداك غ البرغوث " 
يرد خلوق مطمئنا التجاني...
ثم يشتد العض و الحك و استبدال النوم على الجنب الأيمن بالأيسر ، ثم الأيسر بالأيمن...و لا شيء تغير ، لييهتف التجاني مستغيثا :
_" أخاي ...نشعل الضو نشوف شنو هاذ الهام ؟" 
_ يلاه شعال نشوفو..." 
و ما ان أضاء المصباح حتى بدأت حشرات غريبة مملوءة البطن بالدم حتى بان احمرارها، تسرع للإختباء...مسك التجاني واحدة منها و تساءل :" شنو هاد السخط ؟"
فرد خلوق مستغربا: " مينعراف لمولاه " 
فكر قليلا ثم اهتدى إلى حل...دق في باب جاره ثم سأله عن إسم الحشرة ، فأجابه بأنه " البق " ، و أنه جاء في الخشب المستعمل، لذا عليهم ألا يطفئوا النور لتفادي هجومه...
ابتسم التجاني و هو يقول : " هربنا من البرغوث طحنا فالبق " 
و إلى مذكرة قادمة مع تحيات صديقكم المودن أحمد من ودكة بتاونات.
#أحمدالمودن

mercredi 6 avril 2016

مذكرات التجاني الحلقة 75


  مذكرات التجاني الحلقة 75

 بقلم المودن أحمد من غفساي بتاونات.


ركب التجاني بالحافلة ليحدث له أمر غريب جدا...فقد كان يهوى أكل " الزريعة " و بالتالي فهو يدخل يده بجيبه باستمرار، إلى أن ثقب جيبه، ليكبر الثقب مع مرور الأيام...
كان هناك ازدحام شديد بالحافلة، أحس بأن أحدا ما يبحث في جيبه الخلفي، فلم يعره التجاني اهتماما، فهو قد خبأ النقود في جواربه...ولكن اللص قرر البحث في الجيب اﻷمامي، ليحس التجاني بيد تداعب (....) خاصة و أنه لم يلبس تبانا قط...فافرج عن ابتسامة ساخرة في و جه اللص الذي لم يطق اﻹهانة فنزل في أول محطة...
اتجه التجاني إلى " جوطية " بوجلود فاشترى " فستة " و سرولا من نفس الصنف و اللون، وكذا تبانا و ألبسة قديمة ومستعملة لجميع أفراد أسرته، ثم حمل مشترياته و عاد للحي الجامعي ...
اغتنم أول عطلة ليقرر السفر إلى الدوار، فقد اشتاق لأهله و لرائحة الغنم...
قبل أن يتوجه إلى باب الكيسة غير تسريحة شعره ليرده إلى الخلف متبعا آخر موضة أو ما يسمى ب" كوب طليان " ، ثم حمل هداياه و عرج على محطة الطاكسيات لتنقله إحداها إلى غفساي...كان الركاب يتقيؤون كثيرا فنال " كوستيمه " بعض شظايا اﻷكل...
كانت غفساي كما تركها بجمالها و فاطمتها و شامتها...
لم يلبث بها سوى ساعة لتحل شاحنة " قبوش " بالزريقة ، ولم يرضى التجاني بالركوب سوى بالقرب من السائق، فجواربه مليئة بالنقود ، و هيئته تدعو للإحترام...
حل بالدوار مزهوا فرحا كما لو أن الناس جميعا يعرفون ما يخبئه بجيبه من نقود، فاستقبلته اﻷسرة كما يستقبل الموظف الذي حصل على أول أجرة...سلم لأبيه ثلث منحته و فرق دراهما و هدايا على إخوانه و أخواته،ثم خرج لعله يجد أحدا يحكي له عن المدينة و عجائبها...
عند المساء ذبح أخوه خلوق " عتوقة " على شرفه ثم بدأت النسوة تتقاطرن على منزل عائلة التجاني حاملات " قففا " مليئة بالخبز مهنئات اﻷم و اﻷب على عودة اﻷستاذ التجاني من العاصمة العلمية...وهذه عادة أهل الدوار إذا عاد عسكري من الصحراء أو خرج سجين من محبسه ...ومن بين المهنئات كانت هناك شابة أبدت إعجابها بهندام و تسريحة شعر التجاني، و كل ذلك تم عن طريق أخته التي وافته بالخبر...
كان أبو التجاني من أسعد ما يكون، بل و كان يكرر على مسامع ضيوفه أن إبنه يدرس و يأخذ أجرة في نفس الوقت قائلا:

-" وراه تبارك الله عليه كيقرا و يتخلص "
فتتدخل اﻷم مصححة :
-" ألا هو أيقبض الملحة "
فيصحح التجاني مبتسما:

 -" أيقولولا المنحة أيما ماشي الملحة "
 فترد اﻷم المسكينة :
-" إيوا بحال بحال أولدي "
 وإلى حلقة قادمة مع تحيات صديقكم
المودن أحمد.

vendredi 1 avril 2016

مذكرات التجاني الحلقة الرابعة و السبعون 74 بقلم المودن أحمد

مذكرات التجاني الحلقة الرابعة و السبعون 74 بقلم المودن أحمد

                                    التجاني و المنحة

غضب التجاني من تصرفات و استهزاء صديقه عبد الله، بل و لعنه بشتى أنواع اللعنات بما في ذلك ما يستخدم لطرد الشيطان و سب المغضوب عليهم، ثم تركه و انصرف، في حين كان عبد الله يضحك و يقهقه ساخرا من ردة فعل التجاني و هروبه المثير للإنتباه.
مر التجاني أمام المطعم الجامعي دون أن يثير اهتمامه مجموعة من الطلبة و هم يضربون مفاتيحهم بعضها ببعض طلبا لتذكرة غذاء قد يكون طالب ما قد استغنى عنها، و يريد بالتالي بيعها
أما بالنسبة للتجاني فأول ما يفعله عندما يلج الجامعة ، هو أداء ثمن تذكرة الأكل و الإحتفاظ بها ليكون دائما ضمن ذاك الطابور المنظم و الطويل الذي ينتهي الأمر بالواقف به عند قاعة الأكل الفسيحة بالمطعم الجامعي....ثمن التذكرة لم يكن يتعدى الدرهم و أربعين سنتيما، مع أن الوجبات كانت ممتازة مقارنة بوجبات الداخلية...و الويل كل الويل لو أن أحد الطلبة و جد ذبابة أو ما شابهها بالأكل...يحتج الطلبة حينها بالضرب بأدوات الأكل على الصحون لمدة طويلة في أروع احتجاج حضاري ...
ملأ التجاني معدته بما لذ و طاب من لحم و مرق و فاكهة، فكان يعض على فخض الدجاج و أمنيته أن يكون المعضوض فخض معشوقته...فقد كانت صفعتها قوية، و كلماتها رصاص اخترق قلبه...
خرج من المطعم و قصد محطة الحافلات، أثار انتباهه ناقلات جنود و أمن مرابطين غير بعيد من باب الجامعة...ثم سمع صوت طلبة يهتفون " أواكس ...حمار...مهمته التجسس على الطلبة..." ...كانوا يحيطون بشاب شكوا في أمره على أنه شرطي سري...فقد كان يمنع منعا كليا على رجال الأمن التواجد بالحرم الجامعي...
عاد التجاني إلى ملحقة الحي الجامعي بعين قادوس...نظر إلى صورة معشوقته المرسومة على حائط الغرفة...مد يده ليقطعها ، لكنه تراجع...شيء ما بداخله منعه...فتساءل مع نفسه:
أيحبها؟ أهو مغرم بها ؟....
وضع رأسه على وسادته و استسلم لتفكير عميق...و لم يكن ليراوح مخيلته منظر الحبيبة و هي تقذف الرسالة الممزقة في و جهه...تذكر كيف أنه لا حظ له في الغرام...الحبيبة الأولى لم تقل له يوما كلمة عشق ، أو ربما هي لم تكن تعلم أنه مغرم بها...و حبيبة الجامعة جعلت منه قردا وسط الطلاب...
في حصة المساء التقى بصديق أمازيغي تعرف عليه مؤخرا...كان إسمه " الحو " و هي تصغير لإسم الحسين عند أهل الراشدية ...شاب لطيف يعرف أحياء فاس جيدا...لهذا اقترح عليه التجاني الذهاب معه إلى " باب السمارين " فبها دار يتذكر التجاني لون بابها و ثمن اللحم بها ...عشرة دراهم تغنيه عن كتابة الرسائل و تلقي الإهانات....
اكتشف التجاني أنه يملك مؤهلات كبيرة في تكرار عملية "أكل اللحم " من دون كلل...لذا فهو سيخصص جزءا من منحته الدراسية لساكنات هذه الدار التي أصبح يعرف قاطناتها من حجم صدورهن...
بعد أيام قليلة...حصل التجاني على منحته الدراسية ...ألف و ثلاثمائة و خمسون درهما...إنه يوم تاريخي ....لم يكن التجاني يعرف حتى طريقة عدها...و أول ما خطر بباله ، أبوه، ثم اللصوص...و كيفية صرف هذا المبلغ الكبير...
ركب في الحافلة بعدما و ضع النقود بجواربه...و هنا سيحدث له أمر غريب جدا....
و إلى حلقة قادمة مع تحيات صديقكم أحمد المودن 


                                                    

samedi 26 mars 2016

مذكرات التجاني الحلقة 73

مذكرات التجاني الحلقة 73 بقلم المودن

 أحمد نقل كل هذه الأسئلة و غيرها لصديقه عبد الله الذي أكد له أن الفتاة الفاسية قد سقطت في شباكه، و أنه عليه أن يقوم بخطوة يؤكد لها من خلالها أنه معجب بها، بل و ربما يحبها !!! تردد التجاني كثيرا في القيام بأي خطوة قد تفسد كل شيء، خاصة و أن حديثه معها لم يتعدى يوما التحية ، و طلبها لدفتره من أجل نقل ما فاتها من الدرس بحكم تأخرها المتكرر... و بعد أيام خطرت بباله فكرة ذكية جدا، فخاطب صديقه طالبا رأيه: - "لماذا لا أكتب لها رسالة، أعترف لها فيها بما يخالجني من أحاسيس و أضعها في دفتري الذي تأخذه معها قصد نقل ما فاتها؟ " استحسن عبد الله الفكرة ، بل و شجع التجاني على ٱختيار حلو الكلام و رقيقه، فالفتاة أكيد مغرمة ، حسب رأي رفيق التجاني...

 قضى العاشق الولهان ليلته يكتب و يقطع ، إلى أن اقتنع بمضمون رسالة من صفحتين، فجر فيها أحاسيسه و اعترف للفتاة بحبه الذي تعدى حب قيس لليلى، و عنترة لعبلة ...

 و جاء الغد، فكانت الأمور كما تمناها، إذ جاءت الطالبة متأخرة جدا...و عند انتهاء الدرس طلبت منه دفتره، فلم يمانع، بل أنه و ضع لها الرسالة و سط الدفتر، و بالظبط في المكان الذي ستنقل منه ما فاتها... و تفرق الطلبة بين شعاب الجامعة، لينصرف التجاني إلى مرقده منتظرا الغد و ما سيحمله من ردة فعل المعشوقة التي سقط في شباكها بالصدفة لتصبح رسما يؤثث به غرفته بالحي الجامعي ...

 لم يعرف النوم الطريق الى جفونه، فبات يبني و يهدم و يتخيل...كان متفائلا رغم خوفه، فقد توقع أن يجد رسالة بدفتره كجواب على رسالته و بها اعتراف صريح بحب متبادل...

 و جاء الغد...حل التجاني باكرا بقاعة الدرس ليحجز الكرسي لحبيبته، أما عبد الله فقد حضر لأول مرة باكرا، فهو يريد معرفة الجواب هو الآخر...

 جاءت المعشوقة ، على غير عادتها، في الوقت المناسب، سلمت للتجاني دفتره ثم جلست...لم تصدر أي حركة أو كلمة تساعد بها العاشق على معرفة ردة فعلها... بحث التجاني عن رسالته بدفتره فلم يجد لها أثرا...بل و لا أثر لجواب !!!! تناسلت الأسئلة برأسه طيلة ساعتي الدرس...هل ضاعت الرسالة قبل أن تقرأها ، أم قرأتها و لم تهتم بمحتواها؟....

 انتهى الدرس فشرع الطلبة في مغادرة القاعة... قام التجاني و عبد الله و هما بالإنصراف ، لكن الفتاة طلبت من التجاني الإنتظار...أخرجت رسالته من حقيبتها ثم مزقتها و ضربته بها لوجهه و هي تردد: _" آش هاد البهلان كاتبلي انتيا أهنا ؟" فرد التجاني و هو يرتجف :" أعتذر ....أعتذر ..." . 

انصرف بسرعة و توغل بين الطلبة و فجأة سمع صديقه عبد الله يناديه من خلفه : " عنداك... عنداك ...هاهي تابعاك..." فهرب التجاني حوالي الثلاثة أمتار قبل أن يلتفت خلفه ليجد صديقه ينفجر ضحكا...إذ لم يكن لها و جود خلفه ، بل هي مجرد دعابة خبيثة من عبد الله.

 و إلى حلقة قادمة مع تحيات المودن أحمد 

#أحمدالمودن

                                                                           

vendredi 25 mars 2016

مذكرات التجاني ، الحلقة 72

مذكرات التجاني الحلقة الثانية و السبعون بقلم المودن أحمد من ودكة بتاونات. 

                                           ...أول قصة غرام بفاس ... 

كانت سعادة التجاني كبيرة جدا و هو يلج الجامعة و يشنف أسماعه بصوت مرسيل خليفة عند مروره قرب المطعم الجامعي ، و هو يتمتم " منتصب القمة أمشي ، مرفوعة الهامة أمشي، في كفي غصن غصن زيتون و على كتفي نعشي...و أنا أمشي ، و أنا أمشي..." ، طبعا و حدها أسطوانات الأغاني الملتزمة كانت تباع داخل الحرم الجامعي...وهكذا بقي التجاني يمشي ، و يمشي إلى أن إهتدى إلى كلية الآداب ليجد صديقه عبد الله قد ٱختار نفس الشعبة مثله، فكان هذا كافيا ليساعده على تحمل غربته عن غفساي...
 اختار التجاني مكانا رسميا له بقاعة الدرس الكبيرة بجوار عبد الله، و ذلك في آخر صف... كان أول اكتشاف تعيس بالنسبة إليه هو أن بصره ضعيف جدا ، فهو لا يتمكن من قراءة ما يكتبه الأستاذ على السبورة، و هكذا اعتمد على صديقه عبد الله في نقل ما يكتب، إلى أن جاء الفرج ... فقد ترجل يوما إلى أن و صل إلى باب الملاح... و هناك و جد شخصا يبيع نظارات مستعملة، و بعد عملية الفرز ، ثبت لديه أن إحداها مناسبة له ، و هكذا اشتراها من دون زيارة طبيب عيون و لا نظاراتي!!!
 عبد الله كان طالبا غير مواظب على الحضور إلى قاعة الدرس...فكان التجاني يضع دفترا على كرسيه في انتظار حضور صديقه حتى لا يجلس طالب آخر على الكرسي... لكن حدث أن جاءت طالبة متأخرة يوما و لم تجد مكانا تجلس فيه...حز في نفس التجاني وقوف الطالبة ، فأخذ دفتره عن الكرسي لتجلس عليه ... و مع الأيام أصبحت عادة التجاني أن يحجز للفتاة الكرسي عوض أن يحجزه لعبد الله...
 مرت الأيام على هذا المنوال مدة طويلة، فاستغرب التجاني كيف أنه لكل طالب رفيقة تسير بجانبه، إلا هو !!!
 و بدأت الأسئلة تراوده : " لماذا اختارت الجلوس بقربه في كل حصة مع أن القاعة تتسع لأربعمائة طالب و طالبة؟ " لماذا تتأخر يوميا لتجد الأماكن ممتلئة ، فتجلس بقربه؟ ثم لماذا هو يحجز لها الكرسي و يظل ينتظر قدومها؟ بل لماذا قلبه يخفق عند قدومها؟ "
 نقل كل هذه الأسئلة و غيرها لصديقه عبد الله الذي أكد له أن الفتاة الفاسية قد سقطت في شباكه، و أنه عليه أن يقوم بخطوة يؤكد لها من خلالها أنه معجب بها، بل و ربما يحبها !!!
 تردد التجاني كثيرا في القيام بأي خطوة قد تفسد كل شيء، خاصة و أن حديثه معها لم يتعدى يوما التحية ، و طلبها لدفتره من أجل نقل ما فاتها من الدرس بحكم تأخرها المتكرر...
 و بعد أيام خطرت بباله فكرة ذكية جدا طبقها بعد استشارة صديقه ...
 و إلى حلقة الغد إن شاء الله.



 #‏أحمدالمودن


jeudi 24 mars 2016

مذكرات التجاني الحلقة الواحدة و السبعون. 71

مذكرات التجاني الحلقة الواحدة و السبعون. 71 

بقلم أحمد المودن من المشاع غفساي بتاونات.

.... الأيام الأولى لبدوي بالجامعة .....

وصل التجاني و خلوق الى " ظهر المهراز " حيث يوجد منزل بنت العم...ثلاث بنايات من طابقين محاطة بمساكن عشوائية عبارة عن "براريك " ، وغير بعيد توجد ثكنة عسكرية...
استقبلت بنت العم و زوجها الضيوف أحسن استقبال، ثم حكى خلوق ما صادفه من مصائب في حين أحس التجاني بالإهانة فخرج قاصدا سطح المنزل...ليفاجئ بمساكن كثيرة و عمارات شاهقةعلى مرآى عينيه، فقال لطفل كان يطوف حوله:
_ " المذينة كبيرة بزاف أخاي، أنا إيلا خرجت بحدي ننتلف..."
فرد عليه الطفل :
" اعطيني ش درهم "
فابتسم التجاني وهو يقول مع نفسه " هاد ولاد المدينة مطورين على صغورهم"...
شاهد التجاني بناية يعتليها " قرمود " فسأل الطفل عنها ليخبره أنها الجامعة،
ففرح لأن منزل العائلة لا يبعد عن المؤسسة الجامعية سوى بأمتار، على الأقل هذا سيسهل من مأموريته...
يوم غد ذهب خلوق و التجاني إلى الجامعة قصد التسجيل...إختار شعبة التاريخ و الجغرافية ...أثار انتباه الوافد الجديد شساعة الجامعة و كثرة الطلاب.
في المساء خرج البدويان صحبة زوج بنت عمهما إلى المدينة الجديدة ، ليكتشف التجاني أن مدينة فاس تحتوي على متناقضات كثيرة...أناس يسكنون بالبراريك و آخرون بالعمارات أو الفيلات!!!
مرت الأيام الأولى طويلة على التجاني الذي كانت أحلامه كلها حول غفساي و الدوار...المدينة رهيبة...أخوه يطلب منه تغيير لكنته الجبلية ب "المدينية "...نعم عليه أن يغير الخاء كافا...فعوض أن يقول " قلتلخ " عليه أن يقول " گلتلك "...وهكذا دواليك!!!
لم يجد التجاني مكانا بالحي الجامعي لظهر المهراز، بل كان حظه تعيسا، إذ كان نصيبه سرير بغرفة بملحقة الحي الجامعي بعين قادوس...
رجع خلوق إلى الدوار ليبقى التجاني وحيدا بمدينة فاس، يتخذ لكل زنقة علامة و يرى في كل شاب لصا...تذكر وصايا أخيه: " إذا نادى عليك أحدهم فلا تستدر وجهك جهته...النقود دائما في الجوارب...غير لهجتك..."
ثم وصايا أبيه: " أقرا مزيان...باش دتوظف...و عندك تتعلم دتكيف الگارو..." و دعاء أمه:" سير أولدي الله يكون منك الزرع و الزريعة "...
أحس بوحدانية قاتلة و كأنه في جزيرة لا يعرف عنها شيئا، ولا عن أهلها...فلا هم يردون السلام كما في الدوار، وإن سألتهم عن مكان قالوا لك " سير شد الطاكسي"!!!
أجمل ما في المدينة نساءها، فهن فاتنات عاريات تلتصق مؤخراتهن عادة به أثناء ركوبه في الحافلة، فيولد عنده ذلك متعة مجانية لا عهد له بها....
وكم كانت مفاجئته كبيرة عندما اكتشف أن أغلب أصدقاءه بغفساي أصبحوا رفاقا له بنفس الشعبة ، فوجد امريزق، أغوثان، المرابط، النميلي...بل أن سعادته كانت أكبر و هو يطأ قاعة الدرس لأول مرة ، خاصة و أنها تتسع لأكثر من أربعمائة طالب..
و إلى حلقة قادمة مع تحيات صديقكم المودن أحمد

مذكرات التجاني الحلقة - 70 - حينما اعترض اللصوص سبيل التجاني

مذكرات التجاني الحلقة - 70 -

بقلم المودن أحمد من غفساي بتاونات

..... حينما اعترض اللصوص سبيل التجاني ....



اقترب موعد الامتحانات فاختار التجاني وادي الرحي كمكان مناسب للاستعداد...فكان كل شيء يمر على أحسن ما يرام باستثناء مادة الفلسفة، فقد اختلطت الأمور عنده، فاشتبك أرسطو مع ديكارت لينتصر الأخير بشكه، لذا قرر التجاني " نقل " مادة الفلسفة، و هكذا كتب " حرزا " و أمسكه ب"لاستيك" من جهتين و تدرب على استعماله...أدخل الورقة تحت قميصه و أخرج " لاستيك " من فوق و ربطه حول عنقه، ثم أخرج الطرف الآخر من جهة سرواله...و هكذا يجر من أسفل لتخرج الورقة فيقرأها و إذا أحس بالخطر يكفي أن يطلق " لاستيك " لترجع الورقة أوتوماتيكيا إلى مكانها الأول تحت القميص...و من طبيعة الحال فقد غلف الورقة بقطعة بلاستيك شفاف لضمان عدم تمزيقها...
لم يبقى للامتحان سوى يوما واحدا...اختار التجاني عدم المبيت في الداخلية ليلة الأحد، فقد غرر به بعض أبناء مدشره ليطلبوا منه قضاء الليلة معهم بحومة بوشيبة...
طال سمرهم وهم يلعبون " الروندة " لتكون النتيجة صادمة...لم يستيقظ التجاني باكرا ىوم غد الاثنين، و هكذا وصل متأخرا إلى الثانوية ليتم منعه من اجتياز الامتحانات!
صدم و لم يصدق أن حلمه قد تبخر ...فأصبح يتنقل بين الداخلية و جنان المظلي كالأحمق...ثم عاد عند الحارس العام ليتأكد إن كانت سنته الدراسية قد ذهبت في مهب الريح...
سأل الحارس العام عن مصيره، فطلب منه الأخير الانتظار، ليزف له خبرا سارا:
_ لك الحق في اجتياز الدورة الاستدراكية...
كان هذا كافيا ليزرع الأمل من جديد في قلب التجاني الذي كان أول تلميذ يستفيد من هذا الحق بثانوية الإمام الشطيبي....
نجح التجاني رغم كل هذه الظروف ليحصل على شهادة الباكالوريا...فرحته كانت كبيرة، و كذا فرحة أسرته...
سيلتحق إذن بالجامعة حيث يتواجد أبناء مدشره خاصة الحشادي و التاليدي...ليصبح التجاني طالبا جامعيا !!!
مر الصيف سريعا و جاء شهر شتنبر ...اختار الأب " خلوقا " ليصاحب التجاني الى مدينة فاس قصد التسجيل بالجامعة و كذا بالحي الجامعي...و لكن قبل ذلك عليه أن يوصله إلى ظهر المهراز حيث تقطن إحدى بنات عم التجاني صحبة زوجها ب "ديور العسكر"، و ذلك في انتظار الحصول على سرير بإحدى غرف الحي الجامعي...
"خلوق" سبق له أن زار مدينة فاس مرات و مرات، بل سبق له أن عمل بمدينة الحاجب عندما هرب من المنزل ذات يوم، كما أنه يميل إلى الافتخار بنفسه ، و هذا ما يجعله يشتري اللباس الجديد، عكس التجاني الذي لم يجد اللباس المناسب لسفره، فلجأ لأخيه المجاهد ليعطيه "جاكيطة " تتشابه في اللون و الحجم مع " جاكيطة خلوق" ...
وصلت الحافلة إلى " بوجلود " بعد أربع ساعات من السير... نزل التجاني و خلوق ليقرر الأخير عدم الركوب في سيارة أجرة صغيرة بدعوى معرفته الجيدة للطريق الرابطة بين بوجلود و ظهر المهراز...و هكذا سار الإثنان على الأقدام...و ما أن توغلا بين أسوار عالية عرف فيما بعد أنها أسوار حديقة جنان السبيل، حتى اعترض سبيلهما ثلاثة لصوص...كان خلوق يضع " جاكيطته " على كتفه و كذلك كان يفعل التجاني بسبب الحرارة المفرطة...
طلب اللصوص من خلوق مدهم بسيجارة فأجاب خلوق بشجاعة :
- "مالي أنا صاكة ..."
ثم أخرج سكينا كان بجيبه يسمونه " بونقشة " ، و قبل أن يفتحه ضربه أحد اللصوص ليده حتى طار السكين بعيدا ...ثم جر أحدهم " جاكيطة " خلوق و هرب بها، في حين جر لص آخر " جاكيطة " التجاني و لكنه لم ينلها بسبب تمسك التجاني بها...و دون تردد هرب الأخير تاركا خلوق كفهد بلا مخالب وسط كلاب وحشية...
كان التجاني يزيد من سرعته كلما سمع كلمة " أوقاف ، أوقاف " ...مر بأزقة ضيقة ، لينتهي به المطاف بمتاجر كثيرة ...الشخص الذي يلاحقه لازال يطالبه بالتوقف، ليركض التجاني أكثر...
المشكلة العويصة أنه لا يعرف أحدا بمدينة فاس، و ليس معه نقود، و لا يعرف عن هذه المدينة سوى الإسم!!!
فجأة سمع صوتا يناديه:
_ "أوقاف...أوقاف...التجاني...وا التجاني...أوقاف..."
ليطمئن قلبه عند سماع إسمه ، و يعرف في آخر المطاف أن الذي كان يركض وراءه طيلة هذا الوقت ما هو سوى خلوق الذي خاف أن يفقد التجاني إلى الأبد ففضل الركض و راءه عوض محاولة استرجاع ما سرق منه...
توقف أخيرا التجاني و قد كاد يفارق الحياة من كثرة الجري و الخوف...و لحسن حظهما أن النقود و الأوراق لم تكن ب " جاكطة خلوق" ...و أن التجاني كان يمسك بقوة على الملف الذي يحتوي على شهادة الباكالوريا و باقي الوثائق الأخرى...
أخبر خلوق التجاني أنهم بمكان يسمئ "الملاح" ليركبوا في سيارة أجرة صغيرة نقلتهم في أمان إلى " ظهر المهراز " .
وللقصة بقية إن شاء الله.
مع تحيات صديقكم : أحمد المودن من المشاع، ودكة ببني زروال
‫#‏أحمدالمودن

Be Our Fan!لمشاركة الصفحة اضغط هنا