samedi 20 février 2016

مذكرات التجاني - الحلقة 05

0مذكرات التجاني - الحلقة : 5

 

 بقلم المودن أحمد من المشاع بغفساي

أسرع الخطو لعله يلتحق بقاعة الدرس قبل أن تغلق الأبواب في وجهه...
مر قرب الحارس العام وتظاهر بالألم في رجله...كان يمشي مشية الأعرج...خاطبه الحارس العام بعنف :" ما بك يا فتى؟
أجابه التجاني وهو يخفي ثقبا بسرواله الوحيد : " ممالي والو ألسي..."
_ " ولكني أراك تعرج ! "
_ " لا سيدي، أنا فقط أريد أن أعرف إن مرضت هل ستتكلفون بي أم لا..." يجيب التجاني معتمدا على سرعة بديهته...
وكأن التجاني كان يعرف ما ينتظره ، إذ أصيب صباح اليوم الموالي بانتفاخ اللوزتين ...لم يتردد في طلب الرخصة من الحارس العام...اصطحب صديقه الوفي عبد الله واتجه لأول مرة في حياته الى مستشفى غفساي...أول ما أثار انتباهه ذاك الطابور الطويل لمرضى يحملون تاريخ وفاتهم فوق عيونهم...كان منهم من يحمل بيضا...زيتا...تينا...أو ثوما....و بين الفنة و الاخرى يتسلل أحدهم ، يمد ما بيده للممرض ...ويسبق...
كان المستشفى أشبه بإسطبل...حيطان متسخة وروائح كريهة... وأنين مرضى ...ورجل يلبس الابيض ينفث جام غضبه على بعض المرضى ذوي الايادي الفارغة...
بعد طول إنتظار وجد التجاني نفسه أمام رجل يطالبه بنزع سرواله...استغرب التجاني من الطلب...فتردد في تلبيته...
_ " هبط السروال و خلي غ السليب "
_" معنديش السليب "
_ " إيوا هبط السروال غ شويا..."
وفجأة اندست إبرة بلحم التجاني...أصيب على إثرها بفشل تام ...تعلق بكتف صديقه عبد الله وهو يردد " قال لي الطبيب أنه علي أن أأخذ الإبر لمدة عشرة أيام ...لكن قبل ذلك يجب أن أجد تبانا..."
ما أن وصل الى الداخلية حتى أحس ببرد يتسلل إلى مؤخرته...تذكر أن ثقبتي سرواله بدأتا تكبران...طلب من صديقه عبد الله أن يسد ثقبي سرواله بسلك "الكرافوز"...
يمر أسبوع وراء الاخر...اغتنم فرصة بيع أبيه لدجاجتين ذات أحد ...فطلب منه شراء سروال له...اتجها معا عند "مي حادة " إمراة في الخمسين من عمرها تبيع الملابس المستعملة ...وبعد ساعة من "الشطارة" اتفقا على سروال بسبعة دراهم...
فرح التجاني بسرواله الجديد ، على الأقل سيجده يابسا إذا ما تبول في سرواله القديم...لقد سئم تهكم أبناء قسمه عليه مرددين كلماتهم الجارحة :" البوال....الريحة دزفور..."
نعم كان التجاني يعاني من التبول اللا إرادي...طلب منه الحارس العام للداخلية شراء قطعة بلاستيك لوضعها فوق السرير...ثم قرر وضع التجاني صحبة تلميذ اخر في غرفة منعزلة كي لا يؤذيا باقي التلاميذ...
كان التجاني إذا ما بلل ملابسه يتجه باكرا نحو وادي الرحي، يغسل ثيابه وينشرها منتظرا أن تجود الشمس عليه بدفئها ...
مرت السنة الدراسية الاولى على هذا المنوال .و جاءت العطلة الصيفية... حمل كتبه وقصد حومة الزريقة صحبة بعض أبناء مدشره...هنالك كانت شاحنة قديمة تستعد للذهاب الى أربعاء المشاع ...تعلقوا بها ...كان الغبار يتطاير من خلفها وهي تسير ببطء ...طريق تتناسل بها الحفر كما يتناسل الجراد ...
وما أن تقترب الشاحنة من المدشر حتى يتغامز الأطفال ، فيغتنمون أول منحدر أو مرتفع تخفف فيه الشاحنة سيرها لينزلوا متسللين ...ثم يعطون الفرصة لأرجلهم لتسابق الرياح ..
وللقصة بقية انشاء الله
مع تحيات صديقكم : أحمد المودن
‫#‏أحمدالمودن‬

مذكرات التجاني - الحلقة : 4

مذكرات التجاني - الحلقة : 4
بقلم المودن أحمد من المشاع بغفساي.
 
اتجه التجاني نحو زريبة البهائم ...فهو كثيرا ما سمع عنها، لكن من رأى ليس كمن سمع...و هكذا اصطف مع بني عشيرته على السور المحيط بها ليستمتع بعدد هائل من الحمير وهي تمارس حقها في التناسل
...أحس بالجوع فقرر الانصراف والعودة الى داخلية ثانوية الامام الشطيبي وهو يحمل كيس تين جلبه له أبوه من الدوار.
أثار انتباهه عند الوصول أن تلاميذا حصلوا على أكل كثير و نقود من عند أبائهم...فقرر أن يتقرب الى أحدهم لعله يفوز بفاكهة أو قطعة حلوى، لكن دون جدوى
مرت الأيام متشابهة بالداخلية ...نفس الأكل يتكرر، كل مساء الحريرة ...لذا فهو ينتظر يوم الجمعة بلهفة لأكل الكسكس أو الدجاج... كان التلاميذ يلجؤون الى استدارة الكاس لتقسيم قطع اللحم التي لا تكاد ترى بالمجهر...
للتجاني أصدقاء يكترون بيوتا من تراب...كل سبت كان يأخذ رخصة للخروج فيبيت الليل عندهم ...كانوا أسوأ حالا منه ، فهم يحصلون على الخبز يوم الأحد فيتناولوه بتقسيط لمدة أسبوع ، حتى يصبح " كوجماطاً " يصعب تكسيره...
ومع الأيام أصبح التجاني أخطر مجرم بالداخلية ، ما أن ينام التلاميذ حتى يسل حزامه ، فيقصد أقفال الخزانات ...يدخل الحزام في القفل ثم يغلقه ...يدخل رجله في الحزام ويضغط...يفتح الخزانات، يأكل ما لذ وطاب ثم يعيد كل شيئ الى مكانه ...
ذات ليلة سمع التلاميذ صوتا مدويا...ثم عم هدوء حذر ، تبعه صوت يهدد: " التجاني اغلق الخزانة وارجع الى سريرك..."
لقد أصبح مشهورا ومعروفا ولو لم يشعل الضوء...ولكن جوعه كان أكبر من خوفه...
حل رمضان ...أخبره صديقه أنه من الضروري عليه أن يستحم قبل الظهر اذا استحلم...فحدث أن راى ما رأى في الليل...فاحتار أين يستحم ...فالداخلية ليس فيها ماء...قصد وادي يسمى " وادي الرحي" راقب الموقع جيدا ...كان الجو باردا...أزال ملابسه كاملة ثم غطس في الوادي...التصقت عظامه من شدة البرد...خرج من الماء وقصد كدية ليتدفأ قليلا ،كانت أسنانه تسطك بشكل هستيري...
وللقصة بقية انشاء الله
مع تحيات صديقكم : احمد المودن
‫#‏أحمدالمودن‬

مذكرات التجاني ...الحلقة - 3-



مذكرات التجاني ...الحلقة - 3- بقلم احمد المودن
______________ أول أسبوع بغفساي ____________
ارتمى التجاني فوق البغل والتصق بظهر أبيه بعدما مسح ما تبقى من الزيت بيده على شعر رأسه وانطلق في حلم طويل وأسئلة لم يجد لها أجوبة....فعلى طول الطريق كان يتساءل : " هل المدينة كلها إسمنت ولا يوجد بها تراب ؟...هل صحيح أن جميع نساء المدينة لا يغطون شعورهن؟...
تناسلت الاسئلة في ذهنه ، و لم يكن يستفيق من أحلامه إلا عند ترديد أبيه:" أرا زيد أرا " مخاطبا البغل... وفجأة تراءت له دور كثيرة مبنية بالإسمنت على شكل قرية... سأل أباه بصوت خجول: - ما هذه يا أبي ؟
فرد الأب :" إنها غفساي"
استغرب التجاني، اذ بعد ثلاثين كيلومترا يجد نفسه في بلدة لا تختلف عن مدشره سوى بالمباني الإسمنتية المتناثرة ، وأخرى من طين يغطيها قصدير اعتلاه الصدى...
من حسن حظ التجاني أن أباه كان" بوعروف الدوار" ، اذ سجل إبنه في داخلية الثانوية ...
بناية من أربعة طوابق مقسمة إلى جناحين ...محاطة بملعب وزبالة كبيرة تتعايش فيها الكلاب والقطط والفئران والأغنام...لم يكن يعرف التجاني أنه سيقضي بهذا المبنى سبع سنوات كاملة...كان أسوءها اليوم الأول...فما أن ودع أباه حتى انهمرت دموعه...فهو لا يعرف أحدا باستثناء شاب يكبره سنا من مدشره ... كان عبد الرفيع هو ملاذه الوحيد خاصة أمام بطش واحتقار بعض التلاميذ له ...
مر الاسبوع الاول ثقيلا طويلا كأنه الدهر...وجاء يوم الأحد ،إنه يوم سوق أسبوعي ببني زروال ...التقى بأبيه باكيا :"باغي نمشي فحالي أبابا ...مبغيش نقرا هنايا"
هكذا انفجر التجاني شاكيا ...لكن أباه طمئنه وهو يبحث بين ثنايا جيبه ...ثم افرج عن قطعة نقدية ...نعم درهم كامل... تناوله التجاني مفرجا عن أول ابتسامة منذ أسبوع كامل...
ودع التجاني أباه ، وانصرف قاصدا بائع الحلوى...اقتنى أربع فانيدات من نوع " حمو" و بعض حلوات " الفرفارة "،واحتفظ بعشر ريالات ...
أثار انتباهه وهو قاصد " زريبة البهائم " قمار يداعب دادوصه ، تردد قليلا ثم جرب حظه ، فخسر العشر ريالات التي بقيت بجيبه ...تأسف كثيرا على هذه الخسارة الفضيعة فكانت الأولى والأخيرة في حياته...
انطلق التجاني نحو زريبة البهائم ...فهو كثيرا ما سمع عنها...لكن من راى ليس كمن سمع ...
وللقصة بقية ان شاء الله
مع تحيات صديقكم : احمد المودن

مذكرات التجاني - الحلقة الثانية - 2 -

مذكرات التجاني - الحلقة الثانية - 2 - بقلم المودن أحمد
.

 ------ سنوات المرحلة الابتدائية -----

حمل التجاني محفظته ، وأسرع الخطى وراء أخيه...المدرسة تبعد بحوالي عشر كيلومترات عن المنزل...وما أن وصل حتى بدأت التهاني تأتيه من تلاميذ حومته، وفي نفس الوقت نال نصيبه من الاستهزاء من طرف تلاميذ المداشر الأخرى...فالمدرسة كان يلجها تلاميذ من كتامة و تسوفة ...ودواوير بعيدة...هو يتذكر أن تلميذا كان يأتي راكبا على حمار...يربطه بشجرة بلوط قرب المدرسة ثم يلتحق بقاعة الدرس...
بين التلاميذ كان هناك صراع دائم ...كان أهل حومة الريف و الدار دالشيخ أكثر عنفا واحتقارا لباقي التلاميذ...يتذكر أنه يوما وضع خبزا يابسا ليتدفأ على مدفئة القسم ، وما أن أدار رأسه حتى أصبحت في خبر كان...لقد ابتلعها" طريدن" على الفور....
مرت الأيام بسرعة...جاءت العطلة الصيفية...كانت مجموعة من المهن تنتظره...فهو مخير بين الرعي أو المساعدة في أعمال الحقل...كان يفضل رعي الغنم...على الأقل سيمارس هوايته في صيد الطيور "بالجباد".
نجح التجاني في عامه الأول ، ثم الثاني...والخامس ، بعدما رسم المعلمون على جسده النحيف جميع الرموز والعلامات من كثرة الضرب و" التحميلات" ...و عند حصوله على الشهادة الابتدائية اشترى له أبوه جلبابا أبيضا وأخبره بأنه سينتقل الى غفساي التي تبعد عن مدشره بثلاثين كيلومترا ...لمتابعة الدراسة هناك...لكن قبل ذلك على التجاني أن يلتصق بظهر أبيه وهما يركبان بغلا لأخذ صور فوتوغرافية بهذه الغفساي المجهولة.
بحث التجاني عما يلبسه بالمناسبة فلم يجد غير قميص مقطع من العنق...أخاطت الجدة القميص من كل الجهات وباركت لحفيدها النجاح.
نام التجاني وهو يحاول تخيل هذا العالم الجديد الذي سيحتضنه سبعة سنين كاملة....
وللقصة بقية ...مع تحيات صديقكم أحمد المودن

مذكرات التجاني الحلقة 1

مذكرات التجاني الحلقة 1 
بقلم المودن أحمد من المشاع إقليم تاونات.


" البداية : من الرعي الى المدرسة "
من هناك كانت البداية ...حكت له جدته أنه ازداد يوم النصف من شعبان...وأنه كان شديد الصراخ... لكنه كان جميلا الى درجة جعلت أمه تقول لجارتها خديجة وهما راجعتان من الغابة يحملان حطبا
"إنني أسمع صر اخا للأطفال،أتمنى الا يكون إبني...
فردت عليها أم التجاني:
"اتمنى ألا يكون ابني ،فابنك حتى وإن بكى فهو قبيح"
جواب لا محل له من الإعراب ولكنه تعبير عن إحساس الأم...
لم يكتب للتجاني أن يعيش مع أمه وأبيه ، فقد اختار العيش مع جدته، نعم كيف لا يعيش معها وهي التي تملك ثلاث "طنات" من التين والشريحة، وكذلك ما يزيد عن خمس "كنبورات" من زيت الزيتون...وحضن دافئ، مع حكاية ( خرافة) كل ليلة...
امتهن التجاني الرعي...وكان قوته الذي لا يتغير هو االتين و الخبز، ولتعويض النقص في التغذية كان يلجا للسرقة...يسرق الرمان والبرقوق والعنب والبطيخ...اما في موسم الزيتون فقد كان كل زيتون الدوار ملكا له...فيجمع دريهمات يشتري بها جبادا ليصطاد الطيور...
احب المواسم عنده كانت "الحكوز"،يطوف صحبة أبناء مدشره من دار لدار مرددين"هيه بينو ابينو زيدو زيدو لتخافوشي هانا معاكم قد بباكم"
طفولة بئيسة جدا عنوانها الحرمان ...لم يتغير طعمها و لا قساوتها على مدى ست سنوات ختمها بختانة شملته هو إخوانه الحساين و رشيد في يوم واحد...
و نظرا لكبر سنه فهو يتذكر تفاصيلها بشكل جيد ....فقد كان يأكل " الدوارة " و"المنقوبين " صحبة مجموعة من الأطفال... في حين كان رجال الدوار يرددون بالداخل " قارتيتو عظيمو..."...
فجأة جاء عنده خاله عبد السلام و مسكه من يده قائلا : " انت كبرت ، يجب أن تأكل مع الكبار و ليس مع الأطفال "
صدقه التجاني ليجد نفسه و جها لوجه مع " الحجام"...لييفعل به ما يفعله الجزار بالذبيحة...
هو يتذكر انه ذهب مرة مع اخيه الى المدرسة، كان عمره ست سنوات...كانت المدرسة عبارة عن بيت من الطين ...خلف التلاميذ توجد مدفئة "شيميني " كان التلاميذ يدفئون أياديهم وخبزهم عليها...
جلس التجاني قرب المدفئة يتابع المعلم"الهزاز" بشغف ...وفي آخر الحصة طرح المعلم سؤالا ،فلم يجبه احد...عم الصمت القسم ، فجاة رفع التجاني يده ...تطاولت الاعناق نحو الطفل الأشقر الهزيل الذي يخفي جسده في جلباب قصير من دون سروال...
أمر المعلم التجاني بالجواب، فكان جوابه صحيحا...أمره بالتقدم الى اول القسم ...دون إسمه وبشره بأنه قد سجل في قسم التحضيري رغم عدم بلوغه السن القانونية...
رجع التجاني فرحا عند اهله ليبشرهم بالخبر السار... اشترى له ابوه على الفور لوحة ودفتر، ووضعهما له في كيس بلاستيكي " خنشة دلانكري" ثم لفها بحبل على شكل محفضة وانطلق الى حصة المساء....
وللقصة بقية مع تحيات صديقكم : احمد المودن
شرح المفردات الجبلية :
_ الطنة : و عاء طيني كبير يملأعادة بالتين أو الزرع له فتحة في الأسفل تسمى " الخراجة "
_ الگنبورة حاوية مصنوعة من الطين تملأ بالزيت عادة .
_ الحجام : شخص مختص في ختان الأطفال.
‫#‏أحمدالمودن‬

Be Our Fan!لمشاركة الصفحة اضغط هنا